حكيم شملال: فتح القنوات الرسمية للنقاش الشعبي، هل التغيير على الأبواب؟

ريف360- حكيم شملال
بين 20 فبراير واليوم، حين يتحدث الإعلام الرسمي
في اللحظات التي يحتدم فيها النقاش المجتمعي، وتتعالى فيها أصوات الشارع، يتجاوز دور الإعلام الرسمي حدود التغطية التقليدية، ليتحول إلى ما يشبه التموقع السياسي.
وفي المغرب، نادرا ما تفتح القنوات العمومية أبوابها للنقاش حول مطالب المحتجين أو أصوات المعارضين، إلا في محطات تعد مفصلية في التاريخ السياسي للبلاد.
فهل نحن اليوم أمام لحظة جديدة من هذا النوع؟ وهل يشير انفتاح الإعلام العمومي المغربي مؤخرا على قضايا الاحتجاج ومطالب الشارع إلى تغيير وشيك في الأفق؟
20 فبراير، سابقة الانفتاح الإعلامي
تعد سنة 2011 أبرز سابقة حديثة لانفتاح الإعلام الرسمي على النقاشات السياسية والمجتمعية الساخنة، حين انطلقت حركة 20 فبراير في سياق “الربيع العربي” أو ما اصطلح عليه أحيانا بـ”الربيع المغاربي”.
حينها، وجدت القنوات الرسمية نفسها مضطرة لفتح المجال أمام خطاب مختلف، شارك فيه ناشطون، مثقفون، وحتى معارضون، في مشهد لم يكن مألوفا في الإعلام العمومي.
وقد جاءت تلك المرحلة بنتائج سياسية مهمة، كان أبرزها تعديل الدستور، وما رافقه من وعود بإصلاحات ديمقراطية ومؤسساتية.
لكن، ورغم هذا التحول، لا تزال التقييمات متباينة بشأن مدى تحقق تلك الوعود على أرض الواقع، ومدى تأثيرها الحقيقي في بنية النظام السياسي.
العودة إلى النقاش، مصادفة أم رسالة؟
اليوم، وفي ظل موجة جديدة من الاحتجاجات الاجتماعية، وعودة النقاش العام حول قضايا معيشية، سياسية وتنموية، لوحظ أن الإعلام الرسمي المغربي بدأ يفتح مساحات لمواضيع كانت، إلى وقت قريب، تعتبر من “الخطوط الحمراء” أو على الأقل من المحظورات الإعلامية.
هذا الانفتاح لا يبدو عشوائيا. ففي الأنظمة ذات الطابع المركزي، يستخدم الإعلام العمومي غالبا كأداة لامتصاص الغضب الشعبي، من خلال إظهار نوع من التفاعل الرمزي أو الخطابي مع المطالب. ثم تهيئة الرأي العام لتقبل قرارات أو تغييرات مرتقبة. وتوجيه رسائل إلى الخارج، تؤكد أن الأمور تحت السيطرة، وأن هناك تجاوبا رسميا مع الدينامية المجتمعية.
هل نحن أمام تغيير فعلي؟
الإجابة المحتملة، نعم، ولكن بشروط.
الانفتاح الإعلامي قد يكون بالفعل مقدمة لتغيير ما، لكنه لا يعني بالضرورة أن هذا التغيير سيكون جوهريا أو دائما.
السوابق التاريخية تشير إلى أن الدولة قد تلجأ أحيانا إلى تنازلات شكلية أو مرحلية لاحتواء الغضب، دون المساس بالبنية العميقة للسلطة.
ما بين الإشارة والتحول
فتح النقاش حول الاحتجاجات في الإعلام الرسمي المغربي ليس مجرد حدث عرضي.
إنه مؤشر على أن شيئا ما يتحرك في العمق، لكن لا يمكن الجزم بأن التغيير قريب أو مؤكد.
فالمعادلة لا تكتمل إلا إذا نجح الشارع في الحفاظ على زخم منظم، وعي مستقل، ومبادرة مستمرة، دون الوقوع في فخ الاستنزاف أو الاحتواء.
فهل نحن أمام لحظة شبيهة بتلك التي شهدناها سنة 2011؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة.
لكن المؤكد أن تغير الخطاب الرسمي، حين يحدث، لا يكون عبثيا. بل يكون غالبا استجابة لواقع بدأ يفرض منطقه على الجميع.