“جيل Z” المغربي يقهر إسبانيا مرة أخرى في المونديال.. ولن يقبل إلا بقطاع صحي وتعليمي في نفس المستوى

ريف360- الرباط
شهدت الساحة المغربية مؤخرا ظاهرتين متزامنتين، تتقاطعان في جوهرهما رغم اختلاف ميدانهما: الأولى هي تألق المنتخب المغربي للشباب (أقل من 20 سنة) بفوز تاريخي ومقنع على إسبانيا (2-0) في مونديال الشباب، والثانية هي اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية التي يقودها شباب اليوم، المعروفون بـ “جيل Z”، للمطالبة بـ “إسقاط الفساد” وتحقيق العدالة الاجتماعية.
إن هذا الجيل الذي يبدع في الملاعب الدولية، ويجبر خصوما كإسبانيا والبرتغال على تذوق مرارة الهزيمة، هو ذاته الجيل الذي يملأ شوارع الدار البيضاء والرباط مطالبا بحقوقه الأساسية. وهذا الربط ليس عارضا، بل هو مفتاح لفهم الطموح المتنامي للمغرب الجديد.
في الملعب، أثبت أشبال الأطلس أنهم يمتلكون الكفاءة والإرادة والقدرة على الإنهاء الدقيق للهجمات، تماما كما فعل ياسر زابيري و ياسين جسيم في مرمى الخصم الإسباني. هذا الانتصار على بلد متقدم كرويا يبعث رسالة واضحة: حين تتوفر البيئة المناسبة، والإعداد الجيد، والإيمان بالذات، يمكن للمغربي أن يناطح بل ويتفوق على الكبار.
هذا الإنجاز ليس مجرد انتصار رياضي، بل هو دليل اجتماعي على أن الموارد البشرية المغربية قادرة على التميز والتنافس عالميا. السؤال الذي يطرحه الشارع هو: لماذا يقتصر هذا التفوق على الملاعب، بينما تظل قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والبنية التحتية تتخلف عن ركب الدول التي ننافسها كرويا؟
مطالب الساحات: الرغبة في التكافؤ مع التميز
مطالب “جيل Z” في الساحات ليست سوى انعكاس لذاك الطموح الذي ظهر في الملعب. هذا الجيل الذي يرى نفسه قادراً على التفوق على الإسبان في كرة القدم، يستحق بالمقابل أن يحظى بنظام تعليمي لا يقل جودة عن النظام الإسباني، وخدمات صحية تضمن له العيش الكريم، وفرص تشغيل تليق بإمكاناته.
الشباب الذين يطالبون بـ “الصحة أولا” و “التعليم عاليا” يريدون وطنا تكون فيه الحياة اليومية على مستوى التنافسية التي أظهرها المنتخب. إنهم لا يطالبون فقط بحقوق، بل يطالبون ببيئة تسمح لهم بممارسة كفاءتهم وذكائهم خارج حدود المستطيل الأخضر.
نقد العدمية: لا لتحطيم الناجح لمصلحة المنهار
في خضم هذا الحراك، يظهر خطاب “عدمي” يدعو إلى مقاطعة النجاحات الرياضية أو التشكيك فيها كوسيلة للضغط. وهنا يجب التوضيح: الغاية ليست تحطيم القطاع الناجح، وهو رياضة كرة القدم التي حققت إنجازات غير مسبوقة ورفعت منسوب الفخر الوطني، بل الغاية هي الرفع من مستويات القطاعات المنهارة.
إن دعوات مقاطعة بطولة قادمة، أو التشكيك في إنجازات المنتخبات، هي تضييع للطاقة في مكان غيره. فنجاح كرة القدم لم يكن سببا في تدهور التعليم والصحة، بل هو نموذج لما يمكن تحقيقه بالإرادة والتخطيط والدعم.
المطلوب ليس هدم نموذج النجاح الكروي، بل تطبيق قواعده على قطاعات الصحة والتعليم والتشغيل والبنى التحتية، لكي يتمكن “جيل Z” البطل من المنافسة على الوظائف والخدمات بأعلى المستويات، ليصبح المغرب ككل قادرا على مناطحة الدول الأوروبية المتقدمة في كل المجالات، لا في كرة القدم فقط.
هذا هو المعنى الحقيقي لشعار “حرية، كرامة، عدالة اجتماعية”؛ بناء وطن تتطابق فيه كفاءة أبنائه في الملاعب مع جودة حياتهم اليومية.