بـ0.73 طبيب فقط.. هل يستطيع المغرب مواجهة كورونا جديدة؟ الأرقام تكشف الحقيقة الصادمة

ريف360- إسماعيل أمزيان

تحولت بعض المستشفيات في المغرب إلى ساحة توتر، حيث لم تعد شكاوى المواطنين تقتصر على سوء الخدمات، بل امتدت إلى اعتداءات جسدية على الأطر الصحية والتمريضية. هذا الوضع المشحون، الذي يعكس حالة الغليان في القطاع، يطرح سؤالا جوهريا: هل تكمن المشكلة حقا في الصدام المباشر بين المريض ومقدم الخدمة، أم أنها معركة مشتركة ضد منظومة صحية تعاني من إهمال مزمن؟

في ظل الضغط الهائل على المستشفيات العمومية، أصبح المواطن يشعر بالعجز والإحباط بسبب الاكتظاظ، طول قوائم الانتظار، وغياب أبسط الخدمات. هذا الإحباط، الذي غالبا ما يتصاعد إلى غضب، يجد متنفسا خاطئا في الاعتداء على الطبيب أو الممرض جسديا أو لفظيا، متناسيا أن هؤلاء الأفراد هم أيضا ضحايا لنقص حاد في الموارد البشرية واللوجستية.

إن الواقع يثبت أن المعركة الحقيقية لا يجب أن تكون بين المرتفق والأطر الصحية، بل هي معركة مشتركة من أجل إصلاح جذري يهدف إلى توفير الموارد اللازمة للجميع.

أرقام صادمة.. ونقص قاتل في الموارد

تظهر الأرقام الرسمية أن القطاع الصحي في المغرب يواجه تحديات هيكلية ضخمة. فوفقا لتقارير دولية، يبلغ عدد الأطباء لكل 1000 نسمة في المغرب حوالي 0.73 طبيب وفقا لتقرير البنك الدولي لعام 2021، وهو معدل لا يفي بالمعايير العالمية، حيث يعاني النظام الصحي من نقص في التوزيع الجغرافي والاستثمار.

ويعتبر القطاع الصحي المغربي متخلفا مقارنة بدول أخرى في المنطقة. على سبيل المثال، يبلغ هذا المعدل في تونس حوالي 1.2 سنة 2022 وفق بيانات البنك الدولي وتقرير اليونيسيف، بالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في هذا البلد المغاربي المجاور.

هذا النقص الحاد في الأطر الطبية يلقي بعبء ثقيل على الأطباء والممرضين، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع أعداد هائلة من المرضى تفوق طاقتهم، مما يؤدي حتما إلى تدهور جودة الخدمات وزيادة فترات الانتظار.

غياب التجهيزات.. وتغول القطاع الخاص

إضافة إلى الموارد البشرية، تعاني المستشفيات العمومية في المغرب من نقص فادح في التجهيزات الطبية الأساسية. فكثير من المؤسسات الصحية، وخاصة في المناطق النائية، تفتقر إلى أجهزة ضرورية مثل أجهزة السكانير (CT Scan) والرنين المغناطيسي (MRI). هذا النقص يجبر المواطنين على اللجوء إلى القطاع الخاص، الذي أصبح متغولا ويقدم خدماته بأسعار مرتفعة، مما يحول الحق في العلاج إلى امتياز خاص بالطبقات الميسورة. ويتم ذلك أحيانا بتواطىء ودفع من بعض العناصر الفاسدة داخل القطاع العام الذين يعملون “سماسرة” للمصحات.

في ظل هذه المعطيات، يصبح المواطن البسيط محاصرا بين إحباط المستشفى العمومي، حيث الانتظار الطويل وغياب التجهيزات، وغلاء القطاع الخاص الذي لا يستطيع تحمله.

معركة مشتركة من أجل التغيير

إن الحل لا يكمن في تأجيج الصراع بين المريض والطبيب، بل في توحيد الجهود لمطالبة الحكومة بإصلاحات حقيقية. يجب أن توجه الطاقات نحو زيادة الاستثمار لرفع عدد الأطر الصحية وتوفير التجهيزات الطبية اللازمة. وتفعيل الحكامة للقضاء على الفساد وضمان إدارة فعالة للموارد. وكذا تنظيم القطاع الخاص ليكون مكملا للخدمة العمومية لا بديلا عنها.

إن معركة إصلاح القطاع الصحي في المغرب هي مسؤولية جماعية، تبدأ بوعي المواطن وتنسيق جهود الأطر الصحية والمجتمع المدني، وصولا إلى صناع القرار، لضمان نظام صحي عادل ومنصف للجميع.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button