“8 سنوات و6 وزراء”.. مستشفى الناظور الإقليمي “الحلم المؤجل”

ريف360- الناظور

في مشهد يتكرر منذ ثماني سنوات، يستعد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، للقيام بزيارة تفقدية إلى ورش بناء المستشفى الإقليمي بالناظور، وهو المشروع الذي أطلق أشغاله وزير الصحة السابق، الحسين الوردي، في 9 أكتوبر 2017. هذا التوقف الطويل الذي يطال المشروع أثار استياء كبيرا في صفوف سكان المدينة، واعتبره البعض استخفافا واضحا بمعاناتهم.

وعبر عضو جماعة الناظور، حكيم شملال، عن هذا الغضب في منشور على فيسبوك، انتقد فيه بحدة ما وصفها بـ “سياسة الاستهوان والمماطلة” التي تمارسها وزارة الصحة. وأشار شملال إلى أن ثماني سنوات هي فترة زمنية كافية لبناء مستشفيات ضخمة، بل وملاعب رياضية بميزانيات هائلة، بينما لا يزال مستشفى الناظور مجرد ورش مفتوح.

المنشور تساءل باستغراب عن كيفية تقديم هذا التأخير في إطار “الإنجاز”، وكأن المطلوب من سكان الناظور هو “أن يركعوا امتنانا ويصفقوا فرحا” لاستقبال مسؤولين لا يزالون يواصلون تعليق آمالهم. وذكر شملال بأن هذا المشروع لم يكن “إحسانا من المسؤولين”، بل كان ثمرة نضال واحتجاجات قام بها سكان المنطقة للمطالبة بقطاع صحي أفضل.

وأورد المنشور قائمة بأسماء الوزراء الستة الذين تعاقبوا على وزارة الصحة منذ وضع حجر الأساس للمستشفى، وهم: الحسين الوردي، أنس الدكالي، خالد آيت الطالب، نبيلة الرميلي، ثم عودة خالد آيت الطالب، وأخيرا أمين التهراوي. هذه القائمة الطويلة من المسؤولين، والتي لم تتمكن من إنهاء مشروع واحد، تؤكد حجم المماطلة التي يواجهها سكان الناظور.

وقد اختتم شملال منشوره برسالة قوية، قال فيها إنه لو لم يهاجر الكثير من النشطاء إلى أوروبا بحثا عن مستقبل أفضل، لكانوا استقبلوا الوزير “بالبيض والطماطم الفاسدة بدل التمر والحليب”، في إشارة واضحة إلى عمق خيبة الأمل التي يشعر بها السكان.

المنتخبون مجرد واجهة والدينامية التنموية معطلة

وكان شملال قد انتقد واقع التنمية بالإقليم، بعد أن وجه انتقادات لاذعة لما وصفه بـ”هيمنة الهاجس الأمني وتهميش البعد التنموي” في سياسة وزارة الداخلية، ممثلة في عامل الإقليم. شملال دعا، عبر تدوينة أثارت تفاعلات واسعة، إلى فتح حوار جاد ومسؤول حول أسباب تعثر المشاريع الحيوية، متسائلا بصوت مرتفع: “أين يكمن الخلل؟ ما هي العوائق؟ وما هي المطالب الحقيقية للنهوض بالناظور؟”.

وفي نصه الذي حمل لهجة مباشرة غير معتادة، شدد شملال على أن عامل الإقليم هو “الفاعل الأساسي” في تسيير الشؤون التنموية، فيما يرى أن المنتخبين “مجرد واجهة لتسويق العملية الديمقراطية”، بلا قدرة حقيقية على اتخاذ القرار. هذا التصريح يفتح الباب أمام نقاش حساس حول توزيع السلطة بين ممثلي وزارة الداخلية والمنتخبين المحليين، خاصة في منطقة تعتبر بوابة المغرب على أوروبا، وتعيش تحولات اجتماعية واقتصادية متسارعة.

وتوقف شملال عند غياب الناظور عن خارطة المشاريع الكبرى التي شهدتها مدن مغربية أخرى في السنوات الأخيرة، متسائلا عن سبب عدم إدراج الإقليم ضمن المخطط الرسمي المرتبط بتنظيم مونديال 2030، وعن إصرار وزارة الداخلية – حسب وصفه – على التعامل معه “كخيار ثانوي في سلم الأولويات التنموية”. كما اتهم عمالة الإقليم بتأخير تنفيذ مشاريع حيوية ينتظرها المواطنون منذ سنوات، معتبرا أن هذه السياسة “تعيق أي تحول اقتصادي واجتماعي حقيقي”.

تصريحات شملال جاءت في سياق يتسم بتنامي الإحباط الشعبي تجاه بطء الإنجازات التنموية، خاصة في مجالات البنية التحتية، الاستثمار، والتشغيل. ويرى متتبعون أن كلامه يعكس شعورا عاما لدى ساكنة الناظور بأن المدينة، رغم موقعها الاستراتيجي وقربها من أوروبا، لم تستفد بما يكفي من الدينامية الوطنية في تحديث المدن وتحفيز الاقتصاد المحلي.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button