ملعب الناظور الجديد.. حلم يواجه هاجس التأخير

ريف360- الناظور
أثار الإعلان عن مشروع بناء ملعب جديد بمدينة الناظور، بتكلفة تقدر بـ 500 مليون درهم وسعة 20 ألف مقعد، حماسا كبيرا في الأوساط الرياضية والإعلامية. هذا المشروع الطموح، الذي سينجز وفق معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) وعلى مساحة 20 هكتارا، يمثل خطوة نوعية لتعزيز البنية التحتية الرياضية في الإقليم. ووفقا للتقارير، سيتم تمويله عبر شراكة بين وزارة الداخلية، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وجهة الشرق.
لكن، ورغم التفاؤل الرسمي والترحيب الشعبي، يظل هناك هاجس يؤرق المهتمين بالشأن المحلي والرياضي: هل سيكون هذا المشروع قصة نجاح أم سيتكرر سيناريو مشاريع أخرى استنزفت الوقت والجهد دون أن ترى النور في موعدها؟
دروس من الماضي.. مستشفى سلوان وميناء “ناظور غرب المتوسط”
إن المخاوف ليست مجرد تشاؤم، بل هي نتاج تجارب واقعية. فمشروع المستشفى الإقليمي بسلوان، الذي كان حلما لسنوات، تعثرت أشغاله ومرت عليه نحو 8 سنوات من التوقف والتباطؤ، قبل أن تستأنف بوتيرة متسارعة مؤخرا. هذا التأخير أضاع على ساكنة المنطقة فرصة الاستفادة من خدمات صحية حيوية، خاصة في أوقات الأزمات.
وينطبق الأمر نفسه على ميناء “ناظور غرب المتوسط”، الذي يعتبر من المشاريع الاستراتيجية الكبرى للمملكة. ورغم أن تاريخ انطلاقه كان محددا في البداية لسنة 2021، فقد تسببت بطء الأشغال في تأجيل موعد افتتاحه إلى غاية سنة 2026 أو حتى 2027. هذا الزمن المهدر يمثل خسارة اقتصادية وتنموية هائلة للمنطقة، التي كانت تعول على الميناء كرافعة حقيقية للاستثمار وخلق فرص الشغل.
إن تكرار هذه السيناريوهات مع مشروع الملعب الجديد لن يكون مجرد تأخير عادي، بل سيكون بمثابة إحباط كبير للشباب والمجتمع الرياضي، وستضيع على الناظور فرصة ثمينة للارتقاء بوضعها الرياضي.
إن تحويل هذا الهاجس المتنامي إلى دافع إيجابي يتطلب أكثر من مجرد التمني؛ إنه يستدعي نظرة نقدية بناءة تلامس جوهر المشكلة. فالمعضلة لا تكمن في جدوى المشاريع الطموحة كملعب الناظور، بل في الآليات المتبعة لإنجازها ومتابعتها. وهنا، يبرز دور حاسم للمجتمع المدني والمهتمين بالشأن المحلي، فهم الشريك الذي يمكنه أن يحفز الجهات المسؤولة على اتخاذ خطوات ملموسة، وأن يراقب ويضغط لضمان تحويل الوعود إلى واقع.
من الضروري، حسب المراقبين، أن تلتزم الإدارة بـجدول زمني صارم يعلن عنه بشفافية تامة لكل مرحلة من مراحل المشروع، بدءا من الدراسات التقنية ووصولا إلى تسليم الملعب جاهزا. كما أن ضمان التمويل المستمر من الشركاء، من وزارات وجهة، يعد ركيزة أساسية لتفادي أي توقف مفاجئ للأشغال بسبب نقص السيولة، وهو ما حدث في مشاريع سابقة.
ويشدد مهتمون على أهمية تفعيل لجان تتبع محلية، لا تقتصر عضويتها على ممثلي العمالة والجماعة فحسب، بل تمتد لتشمل فعاليات المجتمع المدني والجمعيات الرياضية. هذه اللجان ستلعب دورا محوريا في مراقبة تقدم الأشغال بشفافية، وتقديم تقارير دورية تضمن تفعيل مبدأ المحاسبة. ولا يغفل المتتبعون ضرورة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، فإشراك شركات ذات خبرة وكفاءة عالية قد يمثل الضمانة الأكيدة لتسريع وتيرة الإنجاز والالتزام بمعايير الجودة والوقت.
إن مشروع ملعب الناظور يتجاوز كونه مجرد بنية تحتية رياضية؛ إنه يمثل رمزا للتنمية ونافذة أمل لشباب المنطقة، بل هو امتداد لمشاريع كبرى أخرى تعد بتحول نوعي. وعلى جميع الأطراف المعنية أن تدرك حجم المسؤولية، وأن تجعل من هذا المشروع قصة نجاح تختلف عن سابقاتها، لتصنع بذلك مستقبلا يليق بتطلعات الناظور وأهلها، بدلا من تكرار دروس الماضي.