رمي المخلفات والتحرش وعدم احترام القانون: حين يغيب السلوك المدني في الناظور

ريف360- الناظور

تعرف مدينة الناظور بجمال سواحلها وطبيعتها الساحرة، إلا أن الواقع اليومي في شوارعها وأزقتها يكشف عن تحديات حقيقية تتعلق بالانضباط المدني، تؤثر على الحياة العامة وتجعل المدينة أقل أمانا بالنسبة لسكانها وزوارها.

من خلال جولات ميدانية متكررة في شوارع المدينة والكورنيش، يتضح أن رمي المخلفات في الشوارع والأرصفة أصبح عادة يومية. أكدت مواطنة تدعى فاطمة بوعزة، وهي أم لطفلين، أن “المخلفات منتشرة في كل مكان، من أكياس بلاستيكية إلى بقايا الطعام. المشي مع الأطفال في بعض الأحياء أصبح مرهقا بسبب القمامة والروائح الكريهة والمنظر المشوه، وأحيانا يصعب علينا استخدام الأرصفة بأمان بسبب احتلالها من طرف المقاهي والمطاعم وبعض المحلات التجارية.”

إضافة إلى ذلك، لا تحترم شريحة واسعة من السائقين إشارات المرور وقوانين السير، بينما يتخطى بعض المشاة القوانين بطريقة عشوائية، ما يزيد من خطر الحوادث. قال “حسن”، زائر من الجالية المغربية المقيمة بألمانيا: “لقد فوجئت بعدم احترام بعض السائقين للمشاة عند الممرات، ومرات عديدة كدت أن أصطدم بسيارة كانت تسير بسرعة. الأمر يحتاج إلى مراقبة صارمة وحملات توعية.”

السلوكيات المستهجنة لا تقتصر على المخالفات المرورية، بل تتعداها إلى التحرش بالنساء في الكورنيش، وهو ما أثار استياءا واسعا بين السكان والزوار. وأوضحت “سارة”، موظفة مقيمة بالمدينة، أن “أشخاصا يستخدمون الكورنيش للتحرش بالنساء، ما يجعل الكثير منهن يتجنبن الخروج إلى المساء. الأمن ضروري، ولكن التوعية والتربية المجتمعية أساسية أيضًا.”

المشكلة، بحسب خبراء محليين، ليست فردية بل مجتمعية وبنية مترابطة من التراخي في احترام القوانين ونقص التوعية المدنية. يقول الباحث في علم الاجتماع هشام الطاهري: “الانحراف المدني يعكس ضعفا في الثقافة الجماعية للمدينة. بعض المواطنين يعتقدون أن تجاوز القوانين ليس له عواقب، خصوصا عندما لا تكون هناك مراقبة فعلية. الحل لا يقتصر على العقوبات، بل يجب أن يشمل برامج تحسيسية مستمرة، مع تعزيز حضور القانون في الشوارع.”

كما أشار عدد من الزوار من الجالية المغربية بالخارج إلى أنهم لاحظوا تغيرا في سلوك بعض السكان عند العودة للمدينة بعد سنوات من الغربة. تقول ليلى بن حمو، مقيمة بإسبانيا: “أشعر أحيانا بالإحباط لرؤية هذا الكم من الفوضى، خاصة أن الناظور مكان جميل بطبيعته. الناس بحاجة إلى تعليم مستمر حول احترام الأماكن العامة والآخرين.”

ومن جهة أخرى، يرى سكان آخرون أن جزءًا من الحل يكمن في البنية التحتية والخدمات العامة. قال “عبد الله”، صاحب محل تجاري في المدينة: “إذا كانت الحاويات قليلة والمرافق غير كافية، فمن الطبيعي أن يترك الناس المخلفات في الشوارع. تحسين البنية التحتية يسهم بشكل كبير في رفع مستوى الالتزام.” واتهم البلدية بالتقصير في وضع حاويات القمامة في شوارع المدينة بحث تكون قريبة من المواطنين.

التحدي الأكبر يكمن في تغيير الثقافة العامة للمدينة، فالتصرفات اليومية الصغيرة مثل تجاوز إشارات المرور أو رمي القمامة تتحول إلى عادة عندما لا ينظر إليها على أنها مخالفة جسيمة. ولذلك، يطالب بعض المختصين بمبادرات تعليمية تبدأ من المدارس، مرورا بحملات توعية في الفضاءات العامة، وصولا إلى برامج إعلامية توضح أهمية الانضباط المدني.

في النهاية، يرى معظم المواطنين أن الناظور يمكن أن تصبح نموذجا حضريا ناجحا إذا تم الجمع بين الرقابة الصارمة والتربية المدنية، وهو ما سيضمن سلامة الجميع ويحافظ على جمال المدينة الطبيعي. كما يؤكد الزوار أن الاستثمار في الثقافة المدنية لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنية التحتية، لأنه الأساس لبناء مجتمع يحترم قوانينه ومساحاته العامة.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button