رؤية تنموية للريف: مرافعة منهجية من أجل تقسيم جهوي جديد يجمع الحسيمة، الناظور والدريوش

ريف360- ماسين التمسماني

يمثل التقسيم الجهوي للمملكة المغربية أداة إدارية وسياسية حاسمة تهدف إلى تحقيق التنمية المتوازنة وتقليص الفوارق المجالية بين مختلف مناطق البلاد. إن الهدف الأسمى من أي تعديل في هذا التقطيع هو ضمان حكامة ترابية فعالة، تكون قادرة على استغلال الإمكانات المحلية وتوزيع الثروات بشكل عادل. في هذا السياق، تثير الحالة الراهنة لمنطقة الريف، التي تتوزع أقاليمها بين جهتين إداريتين مختلفتين، تساؤلات جوهرية حول مدى فعالية هذا التقسيم في تحقيق الاندماج التنموي المنشود. لا يهدف هذا التقرير إلى الخوض في أي مرافعة سياسية أو أيديولوجية، بل يرتكز على أسس علمية ومنهجية لتقديم رؤية تنموية جديدة تستند إلى التكامل الجغرافي، الاقتصادي، والاجتماعي. يهدف التحليل إلى إثبات أن إنشاء جهة إدارية موحدة تجمع أقاليم الحسيمة، الناظور، والدريوش من شأنه أن يكون النموذج الأنجح تنمويا، وأن معالجة التفاوتات المجالية والتهميش الاقتصادي هو الرد الأمثل على أي خطابات أو ادعاءات لا تخدم المصلحة الوطنية.

التقسيم الجهوي لسنة 2015: سياقاته وإخفاقاته الجزئية في تحقيق الاندماج التنموي الكامل لأقاليم الريف

في عام 2015، تبنى المغرب تقسيما جهويا جديدا شمل 12 جهة، مع منح مجالس الجهات صلاحيات أكبر بهدف تجاوز نقائص التجارب السابقة وتحقيق حكامة ترتكز على بعد تنموي حقيقي. بموجب هذا التقسيم، تم إلحاق إقليم الحسيمة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بينما تم ضم إقليمي الناظور والدريوش إلى جهة الشرق. على الرغم من أن جهة طنجة تطوان الحسيمة تعد ثالث أكبر جهة اقتصادية في المغرب، حيث بلغت مساهمتها في الناتج الداخلي الخام 10.6% عام 2023 ، فإن هذه المكانة الاقتصادية العامة لم تترجم بشكل كامل إلى تنمية متوازنة في كافة أقاليمها.

إن تجزئة أقاليم الريف بين جهتين مختلفتين قد أفرز تحديات عميقة. على سبيل المثال، يظهر الواقع أن إقليم الحسيمة، رغم كونه جزءا من جهة قوية اقتصاديا، لا يزال يعاني من ضعف في البنية التحتية والمرافق مقارنة بالمناطق الأخرى داخل الجهة. هذا التفاوت يثير تساؤلات حول مدى فعالية التوزيع الحالي في تحقيق العدالة المجالية. من منظور التخطيط الاستراتيجي، فإن تقسيم منطقة تتسم بتجانسها الجغرافي والثقافي يعيق تنفيذ خطط تنموية متكاملة. أي مشروع إقليمي يربط بين الحسيمة، الناظور، والدريوش، وهو أمر منطقي بالنظر إلى القرب الجغرافي، يتطلب تنسيقا معقدا بين مجلسين جهويين وإدارتين مختلفتين، مما قد يؤدي إلى إبطاء المشاريع أو عرقلتها. هذا الواقع يؤكد أن هناك فجوة بين الأهداف المعلنة للجهوية المتقدمة والنتائج على أرض الواقع، وأن التقطيع الحالي لم ينجح في خلق دينامية اقتصادية متكاملة في هذا الجزء من البلاد.

التكامل الجغرافي والاقتصادي كقاطرة للتنمية

تزخر أقاليم الريف الثلاثة بمقومات طبيعية واقتصادية متفردة يمكن أن تشكل قاطرة حقيقية للتنمية لو تم توحيدها في كيان إداري واحد. يتميز إقليم الحسيمة بمؤهلات سياحية وبيئية فريدة، تجعله وجهة سياحية متميزة على الصعيد الوطني. في المقابل، يمتلك إقليم الناظور موقعا استراتيجيا على الساحل المتوسطي، ويشهد حاليا تنفيذ مشاريع لوجستية وصناعية ضخمة. أما إقليم الدريوش، فبمواردها القروية وموقعها الجغرافي، يمكن أن تلعب دور حلقة الوصل ومصدر المنتجات الفلاحية والتقليدية للمنطقة بأكملها.

يعد مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية التي يمكن أن تدعم بقوة فكرة إنشاء “جهة الريف”. يقع الميناء على بعد حوالي 30 كيلومترا غرب مدينة الناظور، وهو مصمم ليكون ميناء شحن مختلطا ومجمعا صناعيا ضخما. يهدف هذا المشروع الملكي بشكل مباشر إلى تقليل الفوارق الإقليمية ودعم التنمية الاقتصادية في الريف والأقاليم المجاورة في الجهة الشرقية وجهة فاس- مكناس، مع تحسين الوصول الإقليمي إلى البنية التحتية. ويشمل المشروع استثمارا ضخما، حيث حصل مؤخرا على قرض بقيمة 200 مليون يورو من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لاستكمال الأشغال، كما سيضم منطقة استثمار صناعي على مساحة إجمالية تبلغ 4000 هكتار، منها 1500 هكتار كمنطقة حرة.  

إن هذا الميناء يمثل فرصة استراتيجية لتغيير النمط الاقتصادي التقليدي للمنطقة. فوفقا لائتلاف مستثمري شمال شرق المغرب، فإن الدينامية التي أطلقتها الدولة تهدف إلى تجاوز الاقتصاد غير المهيكل المرتبط بأنشطة المعابر الحدودية، وتأسيس مسار جديد يعطي للمنطقة قابلية كبيرة لإنتاج الثروة الوطنية. في حال إنشاء جهة ريفية موحدة، يمكن لهذا الميناء أن يصبح محرك التنمية الرئيسي ليس فقط للناظور والدريوش، بل يمتد تأثيره الإيجابي إلى الحسيمة أيضا. سيسهم الميناء في ربط الأقاليم الثلاثة عبر شبكة طرق ولوجستيات حديثة، ويخلق فرصا اقتصادية متكاملة. على سبيل المثال، يمكن لإنشاء قطاع الصناعات الغذائية في الدريوش الاستفادة من الميناء لتصدير منتجاته، بينما تستفيد الحسيمة من حركة السياحة والاستثمار الأجنبي التي سيجلبها. هذا التكامل يتيح بناء “اقتصاد متكامل” بدلا من “اقتصاد مجزأ” يفتقر إلى الترابط الداخلي والفعالية.

التجانس الاجتماعي والثقافي والهوياتي

تستند هذه المرافعة أيضا إلى أسس اجتماعية وثقافية قوية، تعززها مقترحات أكاديمية حديثة. يدعو الباحث سعيد بنيس إلى اعتماد مفهوم “ترابية الهوية” في أي مراجعة للتقسيم الجهوي، ويرى أن الجهة الإدارية يجب أن تكون مرآة للهوية الثقافية واللغوية لسكانها. يرى هذا التصور أن هذا النموذج لا يتعارض مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل يعززها من خلال جعل الهوية المحلية رافعة للتنمية البشرية.

تجمع أقاليم الريف روابط تاريخية وثقافية مشتركة، تمتد من المقاومة التاريخية التي قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي في عشرينيات القرن الماضي إلى حركات الاحتجاج التي شهدتها المنطقة في العقود الأخيرة. إن هذه الروابط التاريخية ليست أدوات للانفصال، بل هي أساس لهوية موحدة يمكن توظيفها في مشروع تنموي جامع. إن الاعتراف بهذه الهوية المشتركة وتجسيدها في كيان إداري موحد (جهة ريفية) من شأنه أن يعزز من الانتماء الوطني لدى السكان، ويقلل من التوترات الهوياتية. فعندما يشعر الأفراد أن خصوصيتهم محترمة ومعترف بها ضمن إطار الدولة، فإن ذلك يقوي من مشاركتهم في المشروع الوطني ويساهم في إحداث “تنمية مستدامة وعادلة” من خلال المشاركة المجتمعية الفعالة ويقطع الطريق على المسترزقين بمشاكل المنطقة ممن فضلوا الارتماء في أحضان دول مجاورة لديها أجندات هدامة.

التمييز بين المطالب الاجتماعية والحجج الانفصالية

تظهر وثائق مطالب الحراك الشعبي بالريف، التي قدمت في مارس 2017، أن المطالب كانت تركز بشكل أساسي على القضايا الاجتماعية والاقتصادية. من بين أبرز هذه المطالب كان إنشاء جامعة متكاملة التخصصات، إحداث مستشفى متخصص في علاج السرطان، وتعميم المستوصفات والخدمات الطبية، بالإضافة إلى ربط الإقليم بالشبكة الوطنية للطرق السريعة والسكة الحديدية. كما طالب الحراك بتحديث وهيكلة ميناء الصيد، وتشجيع الفلاحين الصغار، وخلق فرص عمل حقيقية لمكافحة البطالة. هذه المطالب تعكس بشكل واضح مشكلة التهميش التي عانت منها المنطقة لعقود، وضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية.

على الرغم من وجود بعض الخطابات التي قد توحي بالانفصال خصوصا من بعض الأطراف في الخارج، فإن العديد من المصادر تؤكد أن الحراك في جوهره لم يكن انفصاليا. يشدد بعض الناشطين على أن أي شخص يتهم الحراك بالانفصال دون دليل هو نفسه “انفصالي”. يعتبر علم جمهورية الريف من أبرز الرموز التي ما تزال حاضرة في الذاكرة الجماعية لسكان منطقة الريف، إذ لا ينظر إليه كرمز سياسي بقدر ما يجسد بعدا ثقافيا وتاريخيا متجذرا. فالعلم الذي رفعته المقاومة الريفية بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي في عشرينيات القرن الماضي خلال معارك التحرر ضد الاحتلال الإسباني، أصبح علامة فخر واعتزاز بالهوية، يعكس تضحيات جيل بأكمله من أجل الكرامة والحرية.

هذا الرمز، في الوعي الجمعي للريفيين، لا يرتبط بأي دعوات انفصالية أو مشاريع سياسية ضيقة، بل يختزل معناه في كونه جزءا من التراث الثقافي للمنطقة. فعلى مدى العقود الماضية، ظل العلم يحضر في التظاهرات الثقافية والفنية، وفي المناسبات التي يحتفي فيها الريفيون بتاريخهم ومقاومتهم خصوصا بين أفراد الجالية في الخارج، كترجمة للاعتزاز بذاكرة نضالية صنعت إشعاع المنطقة وكرست مكانتها في التاريخ الوطني.

وعلى خلاف بعض القراءات المغلوطة التي حاولت إلصاقه بخطابات الانفصال، يحرص العديد من الفاعلين المحليين والباحثين على التوضيح أن الخطاب الانفصالي يظل هامشيا ومعزولا، ولا يجد صدى لدى الغالبية العظمى من أبناء المنطقة. فالريفيون اليوم يعبرون بشكل واضح عن أولوياتهم: تنمية اقتصادية عادلة، تحسين البنيات التحتية، وضمان حقوقهم اللغوية والثقافية ضمن إطار وطني جامع.

وبينما يرفع العلم كرمز تاريخي وثقافي، يظل الطموح الأكبر لسكان الريف هو رؤية منطقتهم تستفيد من ثمار المشاريع التنموية الكبرى، مع الحفاظ على خصوصيتهم الثقافية واللغوية التي تشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية المتعددة الروافد.

إن تراكم المظالم الاجتماعية والاقتصادية وفشل بعض السياسات التنموية في الماضي هو ما يفتح الباب أمام الخطابات المتطرفة التي تستغل هذه المظالم. فالمظالم هي السبب الرئيسي للاحتقان، بينما الانفصالية هي نتيجة ثانوية يتم الترويج لها من قبل قلة قليلة اختارت الاسترزاق بالبترودولار الجزائري.

المشاريع الكبرى في أقاليم الريف: الأساس الذي يمكن البناء عليه

تشهد أقاليم الريف في السنوات الأخيرة دينامية تنموية لافتة، حيث أطلقت سلسلة من المشاريع المهيكلة التي يرتقب أن تحدث تحولا نوعيا إذا ما جرى دمجها ضمن رؤية موحدة وشمولية. هذه المشاريع، التي تهم قطاعات متعددة، تراهن على تعزيز البنيات التحتية، تحسين ظروف العيش، وتقليص الفوارق المجالية، بما يجعل المنطقة قطبا اقتصاديا واجتماعيا صاعدا.

في إقليم الحسيمة، برز برنامج “الحسيمة، منارة المتوسط” كأحد أهم المشاريع الاستراتيجية، باستثمارات تجاوزت 6,5 مليارات درهم، موزعة على مجالات حيوية كالتعليم والصحة والفلاحة والسياحة. الهدف المركزي لهذا البرنامج يتمثل في فك العزلة عن العالم القروي وتعزيز الجاذبية المجالية، بما يساهم في تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالمنطقة. وإلى جانب ذلك، تعمل استراتيجية الجيل الأخضر على دعم الفلاحة عبر تخصيص حوالي 300 مليون درهم لحماية القطيع الحيواني، إدارة الموارد المائية بشكل مستدام، وإدخال زراعات ذات قيمة مضافة عالية.

أما في إقليم الناظور، فيعد ميناء الناظور غرب المتوسط أبرز مشروع استراتيجي، هذا الميناء يتوقع أن يشكل رافعة لتحويل النمط الاقتصادي بالمنطقة، من خلال تقوية البنية اللوجستيكية، ودعم الأنشطة الصناعية الموجهة للتصدير، فضلا عن المساهمة في تقليص الفوارق الإقليمية وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمار.

وبالنسبة لإقليم الدريوش، فإن المشاريع التنموية تتركز على فك العزلة وتحسين الخدمات الأساسية. وتشمل هذه المبادرات إحداث طرق جديدة بالمناطق القروية، بناء أسواق ومقرات صحية، وتطوير بنيات تحتية تسهم في تحسين الحياة اليومية للسكان، بما يعزز اندماجهم في الدورة الاقتصادية والاجتماعية.

هذه المشاريع، رغم تنوعها واختلاف أهدافها القطاعية، تبقى في حاجة إلى رؤية تكاملية تضمن استدامة نتائجها وتحقيق أثرها التنموي بشكل متوازن بين مختلف الأقاليم. فنجاح الريف في التحول إلى نموذج تنموي صاعد رهين بقدرة الفاعلين على التنسيق وإدماج هذه الأوراش ضمن استراتيجية موحدة تستجيب لتطلعات الساكنة وتواكب رهانات المستقبل.

فرص الاستثمار المستقبلية وتوصيات عملية

إن توحيد أقاليم الريف في جهة واحدة يفتح آفاقا واسعة أمام الاستثمار الخاص في قطاعات واعدة. يمكن استغلال المؤهلات الطبيعية لإقليم الحسيمة لتعزيز السياحة البيئية والثقافية ، بينما يمكن للموقع الاستراتيجي لميناء الناظور أن يجذب الاستثمارات في قطاع اللوجستيك والصناعات الموجهة للتصدير. أما إقليم الدريوش، فبمواردها القروية، يمكن أن يصبح مركزا للفلاحة العضوية والصناعات الغذائية والتقليدية.

ولتحفيز الاستثمار الخاص، يجب تبسيط المساطر الإدارية، وتوفير حوافز ضريبية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. إن إرادة الدولة لتأسيس نمط اقتصادي جديد يقطع مع أشكال الاقتصاد غير المهيكل موجودة بالفعل، ودمج الأقاليم في كيان إداري واحد سيسرع من تحقيق هذا الهدف.

نحو جهة ريفية موحدة وقاطرة للتنمية الشاملة

تظهر هذه المرافعة المنهجية أن التقسيم الجهوي الحالي لأقاليم الريف يعيق تحقيق التنمية الشاملة والمندمجة، حيث يجزئ منطقة متجانسة ثقافيا وجغرافيا بين جهتين مختلفتين. إن الحل لا يكمن في مجرد تغيير إداري، بل في تبني رؤية تنموية جديدة تجعل من الوحدة الجغرافية والثقافية أساسا للعمل المشترك.

إن إنشاء جهة إدارية موحدة تضم أقاليم الحسيمة، الناظور، والدريوش، سيتيح تسخير المشاريع الكبرى، وعلى رأسها ميناء الناظور غرب المتوسط، كمحرك للتنمية المتكاملة، وتوحيد الميزانيات والخطط الاستراتيجية. إن الاستجابة الحقيقية لمطالب الساكنة لا تكون بالإنكار أو التهميش، بل بتوفير بدائل عملية وقابلة للتحقيق تلبي تطلعاتهم. إن التنمية المستدامة والعادلة، التي تحترم الهوية وتستثمر في الإمكانات البشرية والمادية، هي الركيزة الحقيقية للوحدة الوطنية. لذلك، فإن هذه الرؤية المقترحة تستحق أن تكون جزءًا من المراجعات المستقبلية للتقسيم الجهوي للمملكة المغربية.

التكامل التنموي مع الجهات المجاورة: الريف كقاطرة للشبكة الشمالية-الشرقية

إن رؤية جهة ريفية موحدة لا تقوم على الانعزال، بل على تعزيز التكامل مع الجهات المجاورة، بما يضمن تنمية إقليمية متوازنة ويخلق شبكة اقتصادية ولوجستية قوية. يمكن للجهة المقترحة أن تلعب دورا محوريا في ربط الجهات الشمالية بالجهات الشرقية والوسطى من المملكة، خاصة مع وجود مشاريع بنية تحتية استراتيجية.

إن هذه الروابط القوية مع الجهات المجاورة سواء إنسانيا وثقافيا، أو اقتصاديا، تؤكد أن إنشاء جهة ريفية موحدة لن يؤدي إلى انعزال المنطقة، بل سيجعل منها قطبا تنمويا جديدا، قادرا على تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية عبر الحدود الإدارية، بما يخدم التنمية الشاملة للمملكة بأكملها.

وفي الختام، فإن إنشاء جهة ريفية موحدة تضم أقاليم الحسيمة، الناظور، والدريوش ليس مجرد تغيير إداري، بل هو رؤية استراتيجية تستند إلى مقومات المنطقة الجغرافية، الاقتصادية، والثقافية. إن دمج هذه الأقاليم سيمكن من توحيد الجهود والميزانيات واستثمار المشاريع الكبرى، وعلى رأسها ميناء الناظور غرب المتوسط، لإنشاء قطب تنموي متكامل. الأهم من ذلك، أن هذه الجهة الجديدة لن تكون معزولة، بل ستعمل كقاطرة حقيقية للتكامل الاقتصادي، تربط بين جهة الشرق وجهة فاس مكناس ووجهة طنجة تطوان الحسيمة، عبر شبكات طرقية ولوجستية حديثة. إن هذه المقاربة التنموية الشاملة، التي تعالج المظالم الاجتماعية والاقتصادية بشكل مباشر، هي الحصن المنيع الذي يدحض بشكل قاطع أي خطابات انفصالية، ويؤكد أن مستقبل الريف يكمن في اندماجه الكامل والفعال في النسيج الوطني، بصفته جزءا أساسيا ومحركا رئيسيا لمسيرة التنمية في المملكة.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button