حارس عمارة بتطوان يسرق أحلام أسرة ريفية بهولندا: 8 مليون سنتيم ضاعت.. وشقة تحولت إلى كابوس

ريف360- تطوان

لم يكن في الحسبان أن تتحول العودة إلى الوطن، تلك اللحظة التي ينتظرها المغتربون طوال العام، إلى كابوس يبدأ من عتبة باب الشقة، وينتهي بنداء استغاثة للقضاء. لكن هذا بالضبط ما حدث لأسرة مغربية مقيمة في هولندا، حين وطئت أقدامها مدينة تطوان، ظانة أنها ستقضي عطلتها في بيتها الجديد، الذي دفعت من أجله أزيد من 75 مليون سنتيم، ليتبين أن “الحارس” كان في الحقيقة…محتالا محترفا.

الأسرة، التي تقيم في هولندا، اشترت شقة في إقامة “الجبلي” بتطوان، ورغبت في تجهيزها قبل وصولها: مكيفات هواء، إصلاحات في الحمام، تجديد الإضاءة، ترميم الصالون والمطبخ. وبما أن المسافة تفصلها عن المغرب، فكرت في الحل العملي: التوكيل. فاتفقت مع حارس العمارة – ذلك الرجل الذي يفترض أن يكون “عين الساكنة وأمين الممتلكات” – على الإشراف على الأشغال نيابة عنها، مقابل مبلغ إجمالي قدره 8 ملايين سنتيم، دفعت له دفعة واحدة، ثقةً في منصبه وقربه من المكان.

مسرحية الإيهام: صور ووعود… وأعمال وهمية.

طوال أشهر، كان الحارس يمارس فن التمثيل باحترافية مربكة. يرسل للأسرة صورا لرشاشات الحمام، يطلب رأيهم في الإضاءة، يعرض عليهم تصاميم افتراضية للصالون، ويؤكد أن “الأعمال على قدم وساق”. بل كان يطمئنهم قبل وصولهم بأيام: “شغلت المكيفات باش تبرد الشقة، وسأكون هناك بعد قليل لأسلمكم المفتاح”.

لكن “بعد قليل” تحولت إلى… إلى الأبد. اختفى الرجل. لا هاتف يرد، ولا أثر له في العمارة. وبعد جهد، حصلت الأسرة على المفتاح من مصدر آخر، وفتحت الباب… لتواجه كارثة.

المفاجأة المرة: لا إصلاحات… بل تخريب!

لم تجد الأسرة مكيفات الهواء، ولا إضاءة جديدة، ولا حماما مجددا. وجدت شقة في حالة يرثى لها. لم يكتف الحارس بعدم تنفيذ الأعمال، بل يبدو أنه قام بتخريب ما كان موجودا أساسا. الصيف الحار، والأحلام المجهضة، والأموال المنهوبة… كلها تجمعت في لحظة واحدة. اضطرت الأسرة، التي خططت لقضاء عطلة هادئة في بيتها، إلى أن تنزل ضيوفا عند قريب، بعد أن سرقت منها حتى لحظة الاستقرار.

المفاجأة الأكبر: الضحية ليست وحدها!

حين بدأت الأسرة في التحري، اكتشفت أن الحارس لم يكن يستهدفها فقط. بل إن سكان إقامة الجبلي – بلوكات 1 و2 و3 و4 بأكملها – كانوا ضحايا لتلاعباته. فالكهرباء في العمارة مسروقة من الشارع بطريقة غير قانونية، ومصعد العمارة – شريان الحياة للسكان – مهدد بالتوقف في أي لحظة بسبب الإهمال والتلاعب. الرجل لم يكن مجرد حارس متهاون… كان يدير شبكة فساد صغيرة داخل العمارة، مستغلا غياب الرقابة وثقة السكان.

اليوم، قرر المتضررون – بمن فيهم الأسرة المغتربة – رفع الراية البيضاء أمام الصمت والتسامح. توجهوا إلى القضاء، مسلحين بالأدلة والشهود، لمطالبة الحارس الهارب برد الحق، واسترجاع الأموال، ومحاسبته على ما اقترفه من خيانة للثقة وخيانة للواجب. فحارس العمارة، في نظر القانون والمجتمع، ليس موظفا عاديا… هو الأمين، والوكيل، والضامن. وحين ينقلب هذا الأمين إلى محتال، فإن الضرر لا يقتصر على المال، بل يطال نسيج الثقة الذي يربط المغترب بوطنه.

هذه القصة ليست مجرد خبر جرمي عابر. إنها مرآة تعكس هشاشة بعض المنظومات، واستغلال بعض الأشخاص لثقة المغتربين، الذين يرسلون مدخراتهم من بلاد الغربة، ظنا منهم أن الوطن يحمي أحلامهم. لكن حين يتحول الحارس إلى لص، والمقيم إلى محتال، يصبح على الجميع – سلطات، جمعيات، وجيران – أن يدقوا ناقوس الخطر. لأن ما سرق هنا لم يكن فقط 8 ملايين سنتيم… بل سرقت طمأنينة، وفرح عودة، وأمان كان يجب أن يكون مضمونا.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button