“النيص ذو الأشواك” يعود للأضواء: هل ينقذ التشريع المغربي هذا الكائن الغريب في شعاب كوروكو بالناظور؟

ريف360- الناظور

قد يبدو النيص المتوج أو الشيهم ذو الأشواك (Hystrix cristata) كائنا غريبا يصعب تصنيفه، لكن هذا الحيوان كبير الحجم يظل، في جوهره التشريحي، جرذا ضخما. وما يثير الدهشة فيه ليس قواطعه المتكيفة للقرض فحسب، بل قدرته على استخدام أطرافه الأمامية كـ “أيد” في مناولة الطعام والأشياء، في ظاهرة تطورية نادرة تمنحه ميزة كبرى في البقاء، تماماً كما لدى الرئيسيات.

منظومة دفاع “فتاكة” تفوق قدرة القنفذ

يعد السلاح الأبرز للشيهم هو أشواكه، التي ليست سوى شعر معدل بخطوط سوداء وبيضاء، تشكل منظومة دفاع نشطة تفوق بكثير الدفاع السلبي للقنفذ الذي يكتفي بالانكماش. فعندما يشعر الشيهم بالتهديد، تنتفض عضلات خاصة لتنشر الأشواك في جميع الاتجاهات، ويزداد حجمه بشكل هائل، فيما تصدر أشواك ذيله صوتا يرعب خصومه.

هذا الدفاع لا يقتصر على الترهيب؛ إذ يمكن للأشواك أن تنفصل وتصيب مفترسات عملاقة كالأسود والفهود بجروح مؤلمة تؤدي غالبا إلى الموت. هذا التكتيك العدواني كان ضروريا لبقاء هذا الكائن الذي قد يزن 15 كيلوغراما في وجه أخطر مفترسات القارة.

النيص في مليلية والناظور: حضور اختفى بسبب الأسلاك الشائكة

قصة الشيهم المتوج تلامس بشكل مباشر محيطنا في الريف. فبينما يمتد النطاق الطبيعي لهذا الكائن على طول شمال أفريقيا (بما في ذلك المغرب) وصولا إلى أوروبا (حيث تم إدخاله في القرون الوسطى)، فقد كان حاضرا حتى وقت قريب في محيط مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

لقد وثقت مشاهدات لوجود هذا الحيوان في الجزء الشمالي من مليلية، لكن للأسف، كان النيص واحدا من ضحايا العزلة؛ إذ اختفى من المدينة بعد بناء السياج الحدودي، الذي أعاق حركة الثدييات متوسطة الحجم، ما أدى لانقراضه محليا.

وعلى الجانب المغربي من السياج، في مناطق مثل الساحل الغربي لشبه جزيرة تريس فوركاس، تناقص وجوده بشكل مأساوي بسبب الصيد وتدمير البيئة. لقد سجلت المنطقة وقائع مأساوية توثق موت آخر زوج من النيص في تاكضيرت، بعدما تم إدخال كلاب الصيد، ليتحول وكر هذا الحيوان لاحقا إلى مسار اختبار لمركبات “الدفع الرباعي”، في رمز حقيقي للمخاطر التي يواجهها بيئتنا اليوم.

بصيص أمل من الناظور

لحسن الحظ، أدرك المغرب خطورة هذا النزيف البيئي؛ فتم إصدار تشريع لحماية النيص المتوج في جميع أنحاء التراب الوطني، لمنع انقراضه. ويجري حاليا إعادة إدخال بعض العينات في مناطق كان قد اختفى منها سابقا.

ورغم أن هذا التدخل جاء متأخرا بالنسبة لشياهيم تاكضيرت، إلا أنه يمثل بصيص أمل حقيقي للكائنات التي لا تزال تعيش في شعاب جبل كوروكو بالناظور. يبقى السؤال: هل سيكفي القانون وحده لحماية هذا “الجرذ المحارب” من الصيد الجائر وتدمير الموائل، أم أننا بحاجة إلى وعي مجتمعي أكبر لحماية هذه الثروة الطبيعية في الريف؟

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button